صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

سيادتنا في السهلة

11

بلا حدود 

هنادي الصديق

سيادتنا في السهلة

هاتفني قبل ثلاثة أسابيع من الآن أحد أبناء الشرق طالبا ومحذرا من أمرٍ جلل سيحدث قريبا جدا، حيث وصلته معلومات تأكد منها لاحقا بأن سجن بورتسودان شهد أكبر عملية (إطلاق سراح جماعي) للمسجونين منذ بداية إنشائه، فاقت الخمسمائة سجين إن لم تكن ألفا أو أكثر، وهم سجناء محكومين في قضايا مختلفة بما فيها القتل، ومنهم (متعهدي إجرام) لهم قضايا جنائية سابقة، ليس هذا فحسب، بل تم تسليحهم عقب خروجهم المفاجئ من قبل إحدى الحركات المسلحة المعروفة بالشرق، ومن وقف على عملية إطلاق سراحهم أحد قادة المجلس السيادي العسكريين (بحسب المصدر).

في حقيقة الأمر تخيلت أن الأمر عادي جدا ومبرر نسبة للظرف الصحي بالبلاد، ولم أنتبه أن الجائحة وقتها كانت في إنحسار واضح، حتى فاجأتني الأحداث الدموية التي حولت نهار الولاية إلى ليل كالح السواد، لم تشفع معه الإجتماعات المستمرة لنظار وعمد الشرق مع السلطات الأمنية والحكومة المدنية، التي لم تعترف حتى الآن بحقيقة الصراع الدائر بشراسة بين مكونات المجتمع الشرقاوي، والذي تظهر عليه بوضوح أيدي أجهزة المخابرات لدول خارجية، بينما الواضح للبعض أنه صراع قبلي تفوح منه رائحة العنصرية.

أصابع الإتهام تشير بقوة ووضوح لنظار أحد القبائل المتهمة بتأجيج الصراع بأعتباره (أحد أعمدة النظام السابق) بمعاونة مسؤولين عسكريين حاليين، وأن ما يتم حاليا من اجتماعات، عبارة عن محاصصات وتسويات مع جهات خارجية لا دخل لها بالإدارات الأهلية، مع إستخدام بعض المغيبين عقلياً من المشهد السياسي وزجهم في مواجهة مع الثورة بدون علمهم بما يدور من إستقطاب قبلي سيدفع ثمنه أبناء الشرق والسودان ككل حال لم تتم معالجة الأزمة من جذورها ووضع حد لإطماع الدول من حولنا، وأطماع بعض السودانيين بالداخل من مسؤولين تسلقوا الثورة لتحقيق أجندة دول أخرى.

وللذين يقولون أن حقيقة الصراع قبلية او جهوية، نوجه لهم الأسئلة المُلحة، لماذا هذا التوقيت بالذات تشتعل فيه المنطقة بهذا الشكل الكارثي؟ ولماذا يخرج أبناء إحدى القبائل في تظاهرة ضد تعيين والي في ولاية أخرى؟ وهذا (بداية الأزمة) ولماذا يتم التصديق للتظاهرة من الأساس من قبل السلطات الأمنية بالولاية في ظل حالة الإحتقان التي تشهدها المنطقة عقب تعيين الولاة المدنيين؟

ولماذا إحتقن الشرق عقب خروج معتادي الإجرام من سجن بورتسودان قبل أيام ؟ ولماذا جبال النوبة أيضا في ذات التوقيت؟

أطماع دول الجوار لا حد لها، والوجود الأجنبي الكثيف بشرق السودان يثير المخاوف بشدة ويضع البلاد في فوهة بركان، خاصة إذا ما علمنا بأن معظم الأجانب تم منحهم الجنسيات والجوازات السودانية من قبل وزير الداخلية الأسبق لحكومة المخلوع، ليس هذا فحسب، بل وتسكينهم في وزارات الداخلية وأجهزة الأمن والشرطة تحديدا حتى وصلوا فيها لرتب عالية قبل أن تنتبه السلطات وقتها لخطورة هذا الأمر لتقوم بإحالتهم للتقاعد قبل أن يصلوا لرتبة العقيد، ما يعني أن ظهرنا كان مكشوفا وسيادتنا كانت في (السهلة).

كل ذلك حدث في فترة حكم سيئ الذكر الرئيس المخلوع، وعندما جاءت حكومة الفترة الإنتقالية لم تعر إهتماما لهذا الملف، وربما إنتبه له بعض معدومي الضمير من منسوبي القوات النظامية، ليتحالفوا مع دول المحاور ويقوموا بتنفيذ مخططات أجهزة مخابراتها لتحقيق أهدافها الكارثية.

المطلوب من حكومة حمدوك إجراء معالجات سريعة لهذه الأزمة وتوعية المواطنين بما يدور وتهدئتهم قدر المستطاع لحين إنجلاء الأزمة وتفويت الفرصة على أصحاب الأجندة قبل أن يتحول شرقنا الحبيب لدارفور أخرى.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد