صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ضباط يديرون الاعلام الرسمي

14

بشفافية – حيدر المكاشفي

ضباط يديرون الاعلام الرسمي

كعادة أي انقلاب عسكري، كان من أول ما فعله انقلاب البرهان هو السيطرة على أجهزة الاعلام الرسمية الحكومية والتضييق على الاجهزة غير الرسمية المحلية والاجنبية ورصد ادائها، أو منعها من البث كما حدث مع اذاعة هلا (96) قبل أن يؤذن لها بمعاودة البث لاحقا، فكان أن اقتحمت مجموعة من الجنود يقودها ضباط المقر الرئيسي للإذاعة القومية الحكومية في أم درمان، والفضائية السودانية وفضائية النيل الأزرق وفضائية الخرطوم، كما عمد قائد الانقلاب لاصدار قرار أعفى بموجبه الاستاذ لقمان محمد أحمد المدير العام للهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون، وعين على طريقة (ريسو وتيسو) الاستاذ ابراهيم البزعي بديلا له، ففوق هذا المدير الجديد ومدراء الاجهزة الاخرى، تم تعيين ضباط من الجيش عهدت اليهم مسؤولية ادارة هذه الاجهزة، ليصبحوا هم المديرين الحقيقيين لها، وما يزال هؤلاء الضباط حتى يومنا هذا هم من يديرون العمل الاعلامي بهذه الاجهزة، يسمحون ببث ما يوافق مزاجهم وأهدافهم الانقلابية، ويمنعون ما لا يروقهم ولا يخدم اهدافهم، ولهذا يكون الاتجاه الأول للانقلابيين هو السيطرة على أدوات الحكم، وفي مقدمتها وسائل الإعلام الجماهيرية، لأن السيطرة على وسائل الإعلام تعنى السيطرة على عقل الشعب، وبالتالي تحقق لهم انتحال الشرعية، وافتعال المشروعية لعملية الاستيلاء على السلطة، ولم تقف محاولات الانقلابيين السيطرة على أجهزة الاعلام على الفضائيات والاذاعات، وانما امتدت للسيطرة على وسائل ووسائط التواصل الاجتماعي والمواقع الاليكترونية الأكثر انتشارا والأقوى تأثيرا، فعمدت السلطة الانقلابية لقطع خدمة الانترنت والمكالمات والرسائل الهاتفية قبل أن تعيدها تحت الضغوط الشعبية والدولية، فقد أدى تطور وسائل الاتصال والتواصل الجماهيري، وانتشار الشبكة العنكبوتية في العالم، إلى وجود جو من الحقوق والحريات العامة، فأحدث ذلك تغيرا كاملا في المشهد السابق الذي كان يعتمد فقط على القنوات الأرضية والصحف المحلية، إذ كانت هذه الوسائل الإعلامية هي الوحيدة المتاحة للشعب، وبالتالي كانت السيطرة عليها تعد سيطرة على الوعي الكامل للشعب، لكن الآن لم يعد ذلك ممكنا بل ولا أهمية له، بفعل هذا التطور في وسائل الاتصال، ولم يعد من الممكن تصديق الشعب لأي شيء يصدر عنها، فلو كان للتليفزيون الرسمي للدولة أهمية كبرى في السابق، حيث كان هو وسيلة الاتصال الوحيدة التي يستطيع الشعب أن يتعرف عن طريقها على مجريات الأمور في البلاد، ولهذا كان من أول ما يسعى الانقلابيون للسيطرة عليه، لكن الان بعد انتشار الانترنت واندياح وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد للاعلام الرسمي والتقليدي ذاك الدور الذي يجعله من الأهداف الاولى للانقلابيين، ولهذا لا ندري سببا لبقاء هؤلاء الضباط على رأس هذه الاجهزة الاعلامية الرسمية، اللهم الا ان يكونوا كعلامة رمزية للانقلاب تدل على استمراريته، كما لا ندري لماذا يقبل مديرو هذه الاجهزة بأن يعين من فوقهم حراس بوابات..

الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد