صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

عروش وقروش وكروش

10

بلا حدود

هنادي الصديق

عروش وقروش وكروش

وقفة وطنية قوية وبطولية وقفها عمال الميناء الجنوبي ببورتسودان قبل يومين في مواجهة الحكومة والشركة الفلبينية التي حضرت لمعاينة الميناء الذي قامت بشراءه او إستئجاره (لا يهم الغرض)، في إعتقادي هي واحدة من ردود الفعل العنيفة التي باتت عنوانا لأي صراع بين المواطن والحكومة والنظام بشكل عام.
حالة التنمر التي إنتابت السواد الاعظم من الشعب السوداني تجاه كل ما يمت للنظام بصلة والتي وصلت لحد القطيعة الأُسرية، وضع طبيعي جداً وهو نتيجة لإنفجار البركان الذي ظل يغلي في الدواخل قبل أن ينفجر في وجه من ظنوا أنهم لا زالوا ممسكين بزمام القيادة ويقودون قطيع الشعب المستكين وبمعنى أصح (الإضينة)، أو هكذا خيل إليهم.
وحدوث هذا الأمر مؤكد سيتكرر مرات ومرات في الفترة المقبلة وعلى الحكومة ان تستعد بكافة عدتها وعتادها لتهدئة (كل الشعب السوداني) الذي إنتفض ورفض كافة أشكال وأساليب الضغط التي مورست عليه لسنوات وهو صاغر مستكين لها.
ما حدث بميناء بورتسودان يتوقع أن يحدث لمن تبقى من عمال وموظفي مشروع الجزيرة وملحقاته، ولموظفي وعمال الطيران المدني وقطاعات التصنيع الحكومية ولقطاع المعلمين والقطاعات الصحية وجميع المرافق الخدمية التي أغلقتها الحكومة لصالح أفراد ومصانع تخص التنظيم.
لم يعد أمام النظام سوى التراجع عن ممارساته وأساليبه التي ظل متمسكا بها لسنوات طوال مسجلاً بها أقوى الأهداف في مرمى الشعب، (بلغة أهل الرياضة)، وجاء الآن دور الشعب ليمطر شباك النظام بالأهداف المتتالية التي ستتوجه هدافاً فوق العادة) ملحقا به الهزيمة تلو الأخرى حتى يتراجع من تلقاء نفسه ويرضخ لإرادة الشعب مجبرا.
البيانات والتصريحات التي يخرج بها المسؤولين على كل رأس ساعة لا اعتقد أنها ستكون ذات جدوى، فالمواطن دخل في مرحلة (الهياج الفكري) والتي لن يتقبل معها اي تهدئة بغرض تخدير او تسوية، بعد أن اضاع النظام مئات الفرص التي كان من الممكن ان تجعله جديرا بثقة الشعب، ولكن (الطمع) وكما قال أحد الإسلاميين الغاضبين في تسجيلا صوتيا ينعي فيه الحركة الإسلامية التي دافعوا عنها لسنوات قبل أن تتخلى عنهم وتلفظهم، أن الحركة الإسلامية اصبح إسمها (الحركة المسيلمية)، وان ما يحدث من ضرب وتنكيل وتقتيل في المتظاهرين السلميين من قبل افراد، ليس الغرض منه حماية برنامج او مكتسبات الحركة الاسلامية، وإنما الامر لا يخرج من كونه دفاعا عن (عروش وكروش وقروش).
العروش التي إهتزت أمام جحافل المتظاهرين، مؤكد ستتأثر معها (الكروش وستضيع معها القروش) الله وحده يعلم مصيرها بعد أن تم تهريبها للخارج وما بقي منها بالداخل جميعنا يعلم أين وكيف يتم توظيفه.
القصة لم تعد قصة رغيف ولا وقود، ولن تكون دواء ولا سيولة، القضية الآن اكبر من إحتواؤها بتصريح او بيان او حتى إطلاق سراح معتقل، فالصفوف في بعض الاحياء والمدن شبه تلاشت، إلا أن الشارع لا زال ثائرا، ولا زال الشعب مطلبه واحدا، (حرية سلام وعدالة)، فهل يستمع النظام لصوت الشارع حتى النهاية، أم تستمر المعركة حتى نهايتها، ويستمر معها الكرَ والفرَ بين الجانبين حتى يظهر (صاحب القضية الحقيقي) والذي سيحقن بحكمته الدماء؟

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد