صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

عطبرة الصمود

17

خارج الأسوار

سهير عبد الرحيم

عطبرة الصمود

حينما وصل قطار عطبرة مساء أمس أرض الاعتصام بالقيادة العامة، كنت اقف إلى جانب الصحافي المشاكس عثمان شبونة والفنان التشكيلي الاستثنائي عصام عبد الحفيظ والصديق محمد حسن والسباح الأشهر السلطان كيجاب.
المشهد كان يحكي عن قطار ممتلئ من الداخل والخارج، الثوار متراصون على جنباته حتى يخيل إليك أنهم جزء من الغلاف المعدني للقطار، كانوا يحملون جميع صور الشهداء في كل بقاع السودان لم يحملوا صور شهدائهم فقط ، بل صور الجميع. فكل الشهداء ابناء عطبرة وابناء عطبرة هم ابناء كل السودان.

السلطان كيجاب كان حاضراً بفكاهته المعتادة فعلق قائلاً: (شهدت من قبل قطار كسلا وعطبرة ١٩٦٤م، واراد الله ان اشهد هذا القطار مرة أخرى، يا لها من عظمة).
أي نعم اختلف التاريخ والزمان ولكن المكان هو المكان والثورة هي الثورة وعطبرة لا بد أن تضع بصمتها، هي من تشعل الثورات على مر الحقب، ويكفي ان (١٩) ديسمبر اشعلها طالب بمرحلة الأساس رفض شراء رغيفة بثلاثة جنيهات، فخرج وهو يصيح من المدرسة في اتجاه السوق وخرج معه زملاؤه فخرجت عطبرة عن بكرة ابيها، فخرج السودان.
تظل عطبرة صانعة الثورات هي عرين الرجال ومصنع الأبطال تماماً مثل الكلية الحربية هي الصمود والثورة هي الحديد والنار، هي القطار والحنين، هي الأشواق والإبداع، هي الحب والموسيقى والألحان والكتب والالوان.

المثقفون عطبرة، اصحاب الفكر والضمير المستيقظ عطبرة، أنا سوداني أنا عطبرة، الأمل وبراحات بكرة عطبرة، البشاشة والفأل الحسن عطبرة، خاتم المنى في عطبرة، ورياح الصوفية عطبرة، والشجن والدفء والناس الحُنان عطبرة.
رهبة الموقف يوم أمس ومنظر القطار الشامخ الممتد بحجم الأماني لمستقبل مشرق للوطن الجريح جعل فتاة بالقرب مني تقع مغشياً عليها.
قطار عطبرة الذي وصل مساء أمس أرسل رسالة مهمة مفادها أن عطبرة التي صنعت التاريخ من قبل في ٦٤م وشاركت بسهم واضح في كل ثورات السودان وكان لها قصب السبق في إشعال ثورة ديسمبر، لن ترضى بدور المشاهد لبقية المشهد السياسي.
خارج السور
ثوار عطبرة …. صابنها.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد