صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

عطبرة تنتظر

12

خارج الاسوار

سهير عبد الرحيم

عطبرة تنتظر

يوم أمس ولحسن طالعي أزور مدينة عطبرة، ولسوء حظي انها المرة الاولى التي تخطو فيها قدماي على الارض المحررة دوماً عطبرة، شعرت للحظات ان زيارتي تأخرت كثيراً لمدينة الثوار، كما شعرت بأن الثورة تمشي على قدمين بمحاذاتتا القدم تلو القدم.
تلك المدينة المتمردة، تفاجئك بالمنتوج الثقافي، كما تؤكد قدرتها على الصمود وثبات المواقف وتنثر في طريقك رائحة التاريخ وعبق الأمكنة وسحنة السكة حديد وقطار الشوق، وتؤكد عبر رفع سبابتها انها مهد الثورة وكاسرة القيود ومزلزلة الطغاة.
في جولتي داخل المدينة زرت المدرسة الصناعية التي انطلقت منها ثورة ١٩ديسمبر، المبنى قديم اثري منذ عهد الانجليز ولكنه غير آيل للسقوط، يجعلك تعيد التفكير في مباني الانجليز الصامدة وبنايات المؤتمر الوطني والتي وان لم تسقط فهي غير آمنة، لا استثناء من ذلك لا كوبري ولا مشفى ولا جامعة.
في زيارة مدينة عطبرة لا يمكن ان تخطئ عينك رؤية منزل الشهيد طارق اول شهيد في عطبرة، المنزل الابيض الممتد بحجم أريحية قلوبهم يرفرف اعلاه علم السودان كما تزينه صورة الشهيد طارق على الجدران، وقد كتب بجانبها منزل الشهيد طارق ذلك الشاب ذا الاثنين وعشرين ربيعاً والطالب بالسنة النهائية بكلية الهندسة قسم الميكانيكا.
اولى العبرات التي تخنقك تتساءل فيها عن كمية دماء الشهداء الشباب التي سفكت ليجلس ذلك الديكتاتور العجوز على كرسي الحكم، يا لها من ايام سوداء.
والد الشهيد طارق تحدث بكل أريحية بأن المدنية والديمقراطية لا بد ان يكون لها ثمن وانه يتشرف بأن روح ابنه صعدت الى بارئها من اجل الوطن وحياة كريمة لمواطنيه.
الرجل ورغم ألمه الكبير ورهق ما يحمله من فقد الا انه تحدث عن الوطن اكثر من حديثه عن ابنه، الرجل لم يستبق شيئاً من الاحلام والامنيات التي تمنى ان تتحقق في عهد المدنية وعلى يد حمدوك .
هكذا يطوي الرجل جراحاته ليتحدث عن هموم ومستقبل البلد، فهذا هو الاهم وهذا ما مات ابنه لأجله.
نظرات العشم في عيون المواطنين وأملهم الكبير في حكومة رشيدة نزيهة يجعلهم يتأبطون الصبر، ولكن صبرهم هذا لن يطول، فعطبرة مدينة صامتة تترقب ولكنها سريعاً ما ستجمع (لساتكها) امامها، ولن تتردد في حرقها متى ما بانت أسباب الفشل في الحكومة القادمة.
خارج السور
يجب أن يتذكر أعضاء المجلس السيادي وقوى الحرية والتغيير وحمدوك أيضاً، يجب أن يتذكروا جيداً أن هنالك مدينة اسمها عطبرة تنتظر!!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد