صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

عمدة خالي أطيان

22

بلا حدود

هنادي الصديق
عمدة خالي أطيان

يبدو أن القدر لا زال بالمرصاد لجامعة أم درمان الأهلية، إحدى ثمار مسيرة التعليم العالي في السودان، والتي أنشئت لتكون امتداداً لحركة التعليم الأهلي في السودان بقيادة مؤسسها البروفيسور الراحل محمد عمر بشير بغرض زيادة فرص التعليم العالي لأبناء السودانيين وتجنب الأسر عبء إبتعاث أبنائهم وبناتهم للحصول على فرص للتعليم خارج حدود الوطن.
فالاهلية كما يحلو لنا تسميتها منذ سنين دراستنا الاولى (أرض المليون فدان المحررة من أرض السودان)، يبدو أنها ستعاني من بقاء فلول النظام طويلا، ولن يكتب لها العافية بعد أن تجاوزتها وزارة التعليم العالي بإختيار القوي الأمين لإدارتها التي عانت الويلات منذ أن وضعت الإنقاذ يدها النجسة عليها منتصف التسعينات إنتقاما من إدارتها وطلابها الذين أذاقوا طلاب النظام وقتها السم الزعاف بإسقاطهم في جميع الإنتخابات التي خاضوها ضد طلاب التجمع الديمقراطي وغيرها من بطولات تاريخية. الإنتقام المريع جاء أولا بتجميد النشاط السياسي بالجامعة بقرار رئاسي للمخلوع منذ منتصف التسعينات ولم يتم رفعه حتى الآن، تلاها عزل إدارة الجامعة من الشرفاء من مدير ووكيل وغيرها من وظائف قيادية، اعقبها تردي مريع في البيئة الجامعية والعمرانية للجامعة.والعاملين بها من هيئة اساتذة مرورا بالموظفين وحتى العمال، لتصبح امدرمان الاهلية الجامعة الاقل اُجورً وامتيازات للعاملين بها والاسوأ بيئة على مستوى السودان.
وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بروف إنتصار الزين صغيرون إختارت عميد كلية الهندسة بالجامعة البروفيسور مصطفى حسن احمد خلفا لسيئ الذكر المدير السابق، إلا أنه لم يكن أكثر من مجرد شخصية عادية رمادية اللون والنكهة، إذ رفض تنفيذ مطالب العاملين الذين إلتهمت الشمس وجوههم من كثرة الوقفات الإحتجاجية لسنوات وجفَ حبرهم في المطالب العادلة التي رفعوا العشرات منها لوزير التعليم العالي السابق والاسبق والحالي، ولعل واحدة من ابرز المطالب التب فشل في تلبيتها، الغاء ما تسمى بالشرطة الجامعية احدى الادوات الباطشة للنظام السابق وهو الامر الذي يتعارض تماماً مع رسالة التعليم العالي، وثورة ديسمبر المجيدة وتتعارض مع رسالة ورؤية جامعة أمدرمان الاهلية المتوارثة التي ظلت متمسكة بها برغم الحصار الذي مارسه النظام البائد على حرية الفكر عبر منابر الجامعة.
المدير الجديد البروفيسور مصطفى احمد حسن ظل الحلقة الأضعف بين كافة عمداء الكليات بالجامعة، حيث تعتبر كلية الهندسة التي شغل فيها منصب العميد، أكبر معقل لفلول وكتائب ظل النظام البائد من الطلاب، منحهم بضعفه الفرصة الكافية ليسيطروا تماما على الكلية، ففي فترته شهدت الكلية تنَمر طلاب الوطني على الاساتذة وادارة الجامعة والكلية وتمزيق أوراق الامتحانات وإرغام الطلاب على الخروج من قاعة الامتحانات بصورة سافرة تدل على سوء أدب وأخلاق هذا الفصيل من الطلاب، إضافة لعدم التزامهم بسداد الرسوم الدراسية عنوة وعنترية، حدث كل ذلك وهو العميد للكلية، ليتفاجأ ثوار الأهلية بصاحب اللون الرمادي يمارس في ذات رماديته وهو يعلن لهم في آخر وقفة إحتجاجية لتسليمه مذكرة مطلبية بحل الكتائب الجهادية وإلغاء الشرطة الجامعية وعودة الحرس الجامعي، وعودة النشاط السياسي بالجامعة، أن كل ذلك ليس من مهامه كمدير مكلف من قبل الوزيرة صغيرون، ما يعني انه (عمدة خالي أطيان)، وكما وصفه أحد العاملين بأنه (الجابوه فزعة، بقى وجعة) وأي وجعة حدثت لأم الجامعات السودانية!!
المدير الجديد لن يضيف للجامعة إن لم يكن خصما عليها بسياسته الضعيفة ووجوده الهشَ، لن يشفع له خطابه الذي تأخر بحظر نشاط طلاب الحزب المحلول قبل ايام لأنه لا يملك غير ذلك فعلا يوازي فعل الحكومة الذي بموجبه فككَت الحزب سيئ السمعة، على وزيرة التعليم العالي الثورية مراجعة قرارها في هذا المدير قبل ان تسيَر الجامعة بطلابها وخريجيها المسيرات إلى مباني الوزارة، فأمدرمان الاهلية لن تحتمل المزيد من النزيف.

الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد