صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

في شأن الاستوزار والتوزير..

20

بشفافية

حيدر المكاشفي

في شأن الاستوزار والتوزير..

وقوى إعلان الحرية والتغيير مقبلة على تسمية من يشغلون مقاعد الحكومة الجديدة، عنت لي بعض الحكايات حول المسألة، والحكاية الأولى نبدؤها بعبارة (حمدان قوم جيب شاي) التي أطلقها المسرحي المبدع الفاضل سعيد – رحمة الله عليه – وأصبحت على كل لسان لفترة من الزمان. في تلك المسرحية عثر حمدان – الذي كان يعمل ساعيًا في إحدى المؤسسات – على خطاب غرامي يخص المدير، فاستغل هذا (الكنز) في استغلال المدير وابتزازه ليصبح هو المدير الفعلي مستجاب الطلبات والأوامر، واستمر حمدان الساعي يدور في المؤسسة بمكنة مدير، إلى أن تمكن المدير الفعلي من التخلص منه بحيلة خادعة استطاع بها أن يودعه مصحة للأمراض العقلية. الشاهد في هذه النُّقلة الدراماتيكية التي ارتقت بساع إلى مرتبة مدير هكذا بغتة، ثم لم يلبث إلا قليلا في هذا المستوى من البريستيدج، وإذا به يهوي – وفجأة أيضا – إلى عش المجانين، هو أن مثل هذه النقلات لا تحدث فقط على خشبة المسرح، وإنما لها وجود بشكل أو آخر على واقع التوزير والاستوزار والنيابة البرلمانية، ولنا عليها كثير من الشواهد والأمثلة في العهد البائد من شاكلة الأطرش الذي لا يسمع ولا يتكلم، فأصبح عضوًا في البرلمان الذي من أهم وظائفه السمع والكلام، وذاك الذي تبوأ منصب المعتمد لا لشيء غير تطابق اسمه ووصوله إلى منصة أداء القسم في وقت أبكر من (سميه) المعني، فتم اعتماده رسميًّا على طريقة ذلك الجعلي الذي شبت النار بداره واتصل بالمطافي، وعندما وصلت كان الأهالي قد تمكنوا من إطفائها، فحلف عليهم الجعلي بالطلاق ألا يعودوا (مكسوفين ساكت) فأشعل النار في راكوبة لم يطلها الحريق وقال لهم: “يلا شوفوا شغلكم”، وغير ذلك من النماذج التي بلغت المناصب العليا هكذا ضربة لازب، رغم ضعف وتواضع المؤهلات والقدرات وفقر الخبرات..
وأمثلة أخرى تقف شاهدًا على أن خيارات التوزير أو التنصيب في المناصب العليا -في بعض الأحيان – تتم خبط عشواء ومثل احتطاب الليل بعجلة وبلا روية ودراسة متأنية لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأحيانا تحدث (لخبطة وخربطة ودربكة)؛ كأن يعين أحدهم وزيرًا على وزارة وقبل أن يجلس على كرسيها يصدر بشأنه قرار عاجل بنقله لوزارة أخرى، وهناك من يتنقل بين عدد من الوزارات في فترة وجيزة جدا، وليس هذا بالحديث الجزافي فلنا عليه شواهد بالاسم، ولكن رغم هذه (اللخبطة) لم نسمع أحدا يعيد على مسامعنا عبارة الوزير محمد توفيق – رحمه الله – حين سئل عن سبب استقالته فقال: “لقد خرجت من الجوطة”،كما لا نظن أن بلادنا ستشهد كسادًا في وظيفة الوزير مثل الذي شهدته مصر من قبل.. قيل إن مصر في زمن ما شهدت حالات عزوف واسعة عن قبول المناصب الوزارية، وكان كل من يعرض عليه منصب وزاري يرفض بشدة، مما اضطر المراجع العليا لإصدار قانون يحصل بمقتضاه من يقبل منصب الوزير على لقب صاحب المعالي منذ لحظة تعيينه، ويحصل أيضاعلى أعلى معاش، وذلك تشجيعًا على قبول المنصب، وعندما قامت ثورة 25 يناير أيضًا كان البحث عن وزير يقبل الوزارة مشكلة.. وحكينا الحكايات دي ليه؟ عشان قالوا في تشكيل وزاري وشيك!.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد