صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

كسب الزمن

9

حديث المدينة

عثمان ميرغني

كسب الزمن

 

بعد ساعة من منتصف نهار اليوم، السبت 17 أغسطس 2019، تشرق شمس أول دولة سودانية بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة، بتوقيع الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية وتدشين منصة إطلاق مؤسسات الحكم الانتقالي، (وللمصادفة السعيدة يوافق اليوم إيقاد صحيفتكم “التيار” لشمعتها الـ”11″).
آمال الشعب السوداني العِراض الآن، أن يستريح الوطن من وعثاء السياسة التي أورثته فشلا مزمنا منذ الاستقلال. ولكن فلنقلها بكل صراحة.. بناء دولة حديثة لا يمكن أن ينهض على أركان دولة معتلةٍ أدْمَتْها الأزمات والعثرات والنكبات والسمعة الدولية السيئة.. نحن في حاجة لإيمان قاطع بإسقاط مُسلَّمَات الماضي وتدشين مفاهيم جديدة معاصرة مواكبة.
خلال “63” سنة هي عمر السودان المستقل، غابت عن الدولة (الرؤية) وغرقت في منهج “اليوميات”، سفينة تمخر عباب البحر بلا خارطة ولا بوصلة ولا هدف، فكانت النتيجة الفشل الذريع الذين نحمل أثاقله على أكتافنا، ثم جاء العهد الأخير، نظام المخلوع، فذبح ما تبقى من مشاريع ومنشآت ضخمة مثل السكك الحديدية ومشروع الجزيرة والخطوط الجوية والبحرية معا، بل حتى الإنسان السوداني طالته أسلحة الدمار الشامل، ولولا أنه أصيل في جيناته لأصبح مسخا لا علاقة له بتاريخ وتراب هذا البلد الأمين.
في هتافهم كان شباب الثورة يرددون (الشعب يريد إسقاط النظام).. ولكن الآن ماذا يريد الشعب بعد أن استجاب القدر وسقط النظام.. هل يُعقَل أن يكون حلم الإنسان السوداني (انتخابات) بعد ثلاث سنوات انتقالية؟
المطلوب من حكومة الثورة المجيدة أن تضع الإجابات المناسبة للأسئلة التالية..
ماهي الرؤية للمستقبل؟
ماهي الخطة الاستراتيجية التي بموجبها تتأسس الدولة السودانية الحديثة خلال سنوات انتقالها الثلاث؟
ماهي المشروعات التي ستُنجَز على المدى القصير والمتوسط؟ خلال الفترة الانتقالية.
ماهي الإصلاحات المطلوبة لبناء أركان الدولة السودانية الحديثة؟
وقبل كل ذلك.. ما هي المفاهيم التي ستُبنَى بها هذه الدولة؟.
الهتافات والحماس والشعارات صنعت الثورة وأنجزت إسقاط النظام البائد، لكنها لا تكفي لبناء الدولة، فالمطلوب الآن إنجاز مطلوبات وشروط النهضة بأعجل ما تيسَّر فشعبنا يملك القدرة على إنجاز المهام قفزا فوق الزمن.. نريد أن نصبح في مستوى دول متحضرة تتصدر الآن العالم رغم أنها كانت أقل منا نموًّا قبل عقود قليلة..
نحتفل اليوم بتوقيع وثائق الانتقال.. لكن بالله عليكم، لا تضيعوا مزيدا من العمر في الاحتفالات.. نحن أشبه بفريق كرة قدم مهزوم (عشرة-صفر) فإذا أحرز مهاجمه هدفا فلا داعي لخلع “الفانلة” والجري نحو الجمهور.. على العكس، خذ الكرة من حضن الشباك وأسرع بها نحو خط المنتصف لمواصلة المباراة وكسب الزمن.
مبروك لشعبنا النبيل أول حكومة لثورة دسيمبر المجيدة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد