صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لا تُعكِّروا مِزاجَنا ..!..

8

 

هناك فرق

منى ابو زيد

لا تُعكِّروا مِزاجَنا ..!..

“الإصلاح في السودان مثل قشرة موزٍ على سطحٍ صَقيل، لا نتحدث عنه إلا بعد السقوط”.. الكاتبة..!
أين جمال مبارك، وعلاء مبارك، وحبيب العادلي”، وزكريا عزمي، وأحمد نظيف، وأحمد عز، وأحمد شفيق، وكل ما عُبِّد وحُمِّد أو لم يُعَبَّد ويُحَمَّد من أسماء رجال الدولة ورجال الأعمال الذين كانوا حول الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك؟!. وماذا فعل الله بشأن دائرة الاتهام – ومن ثم الإدانة – التي كانت تضيق وتضيق عليهم، عشية كل تصريح لمبارك خلال جلسات محاكمته؟!. باختصار – وحتى لا أطيل عليك ببعض التفاصيل – جميعهم اليوم أحرار طلقاء، ومنهم من قضت المحاكم المصرية ببراءته، ومنهم من ينتظر المحاكمة على تهم في قضايا أخرى، وما بدَّلوا تبديلاً ..!
ثم، أين القصاص العادل لدماء شهداء ثورة يناير في مصر؟!. وماذا فعل الله بأطنان المطالبات، وأرتال التظاهرات والوقفات الاحتجاجية؟!. بعد مرور ثماني سنوات خرج قانونيون وسياسيون معارضون لحكم السيسي ليقولوا بأن حق شهداء ثورة يناير ومصابيها في رقبة المجلس العسكري والثورة المضادة الموالية لمبارك ورجاله، التي اجتهدت في إخفاء أدلة القتل وحرق أشرطة الفيديوهات التي سجلتها الكاميرات. وكيف أن حكومة الفترة الانتقالية في مصر قد تركت بعض رموز نظام مبارك في مناصبهم بعد الثورة، فأعدموا كل الوثائق والمستندات التي تدين النظام السابق، ومن بينها وثائق تتعلق بأوامر قتل الثوار ..!
والنتيجة الآن في مصر كالآتي: لن يتمكن الشعب المصري من القصاص لشهداء ثورته إلا في حالٍ واحدة فقط، وهي أن يتغير النظام الحاكم اليوم. باعتبار أن الطعن في مثل هذه الأحكام وطلب إعادة المحاكمة ينبغي أن لا يتجاوز انقضاء مدة خمسة عشر عاماً على آخر إجراء تم في تلك المحاكمة. وحتى هذا الافتراض يحتاج إلى إجراء تشريعي، لأن معظم تلك الأحكام طغت عليها الصبغة السياسية أكثر من الصبغة القانونية، بحسب تعبير بعض أولئك المتباكين على لبن القصاص المسكوب ..!
ولك أن تتخيل – عزيزي القارئ – أن يحتاج الشعب الذي أسقط بثورته ودماء شهدائه النظام “السابق” إلى ثورة أخرى على النظام “القاعد” حتى يتمكن من إحقاق حقوقه الثورية وتطبيق عدالته الدستورية. فلله الأمر من قبل ومن بعد. ولك أيضاً أن تردد معي على سبيل الاحتياط “اللهم حَوَالَيْنَا، ولا علينا، اللهم على الآكام والظِّرَاب وبطون الأودية، ومنابت الشجر” ..!
يوم أمس عكَّر الرئيس السابق “عمر البشير” مزاجك ومزاجنا، عندما ذكر في معرض إجاباته على أسئلة القاضي، أثناء جلسة المحاكمة، أسماء لرجال كانوا حوله، وتسلموا – أو تصرفوا في – مبالغ طائلة، بناء على توجيهات شفهية منه. مع ملاحظة شح – إن لم يكن انعدام – المستندات والتوقيعات الرسمية التي تشتمل على مثل هذه التوجيهات في الأحوال المشابهة. فاظفر بطول سلامةٍ يا مربع ..!
وقد “حدث ما حدث” لأن هذا الوطن الكبير كاد أن يتحول إلى ضياع وأصقاع يتصرف فيها – كيفما شاء وأنى شاء – حزب المؤتمر الوطني، فما عاد هنالك فارق يذكر بين ملكية الوطن وأملاك الوطني ..!
والحقيقة أنه لا المؤتمر الوطني كان وارثاً، ولا قادته وصفوة المنتمين إليه كانوا من أبناء “البيوتات” الثرية. معظمهم كانوا من أبناء الكادحين والفقراء، فمن أين لهم بمكونات ذلك الجدار العازل الذي تطاولوا في بنيانه لكي يحمي أدمغتهم من حرارة معاناة هذا الشعب، قبل أن يتفننوا في “إنقاذه” على طريقتهم. ومن أين لهم بتلك المبالغ الطائلة التي كانوا يتداولونها سراً وعلانية بتوجيهات شفاهية، واستجابات عشوائية ..؟!
وما هو مصير هؤلاء الرجال الذين كانوا حول الرئيس السابق، يقودون الركاب، ويديريون الأموال والأعمال؟!. أخشى أن نرى معظمهم في قوائم الترشيح للانتخابات القادمة. هذا ما أخشاه. أما “أخشى ما أخشاه” فهو أن يعيد التاريخ – الذي يحفظ مصير المطالبات بدماء شهداء مصر – نفسه في سودان البخاتة هذا، بتَصرُّف، أو بلا تَصرُّف ..!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد