صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لماذا أُضرب (2 ) ؟!

8

مناظير

زهير السراج
لماذا أُضرب (2 ) ؟!

* إستقبلك الأمير .. وفرشوا لك البساط الأحمر، وأحاطوك بكل مظاهر الحفاوة والإحتفاء، ولا شك أنهم وعدوك بالكثير الذى سال له لعابك .. ولكن قبل ان تغادر دولتهم تعمدوا ان يُظهروا لك (عينة) من المعاملة التى يخبؤونها لك في المستقبل عندما أذاع تلفزيون (دبى) نبأ إجتماعك برئيس الدولة مع صورة كبيرة تغطى الشاشة تظهر فيها جالسا مع (الأمير محمد بن زايد ) وهو يبتسم لك، بينما يتسلل تحت الصورة شريط إخبارى جاء فيه: (محمد بن زايد يؤكد لمسؤول عسكرى سودانى وقوف دولة الأمارات الكامل مع السودان ) .. تخيل حتى إسمك ورتبتك العسكرية وصفتك الوظيفية في السودان لا مكان لها في تلفزيونهم رغم أنها الزيارة الأولى لك وأنك الشخص الأكثر اهمية لهم الآن في المنطقة، فهل في رأيك وتقديرك سيكون لك مكانة في نفوسهم وقصورهم في المستقبل عندما يأخذوا منك كل شئ ..؟!

* المرة القادمة سيستقبلك مدير المراسم، والتى تليها سائق العربة .. وفى الرابعة سيرسلون الى المطار أحد الموظفين الصغار في صندوق الزكاة بأبوظبي ليقول لك في وجهك ” إيش جابك الحين، مين قالك تجى؟” وترجمتها بالسودانى: “جايى تسوى هنا شنو، القال ليك تعال منو؟”، ثم يدخل يده في جيبه ويتصدق عليك بما يتيسر من مال الله وهو ينظر إليك باحتقار .. هذا بالضبط ما سيحدث لك، وإن لم تكن تصدقنى فاسأل المخلوع !!

* لا تخدعنك الإبتسامة العريضة على وجه الأمير وهو يستقبلك و(يحاجيك) في قصره، ولا اجد تعليقا عليها افضل من قول المتنبئ: (إذا رأيت نيوبَ الليث بارزةً ** فلا تظنن أن الليثَ يبتسمُ) .. مع الإعتذار لليث على هذا التشبيه. هذه الإبتسامة، أيها المسؤول العسكرى السودانى، حسبما وصفتك به فضائية (دبى) وانت في عنفوان رئاستك ــ رآها من قبل المخلوع المسجون أكثر من مرة، ولا شك أنه أدرك معناها الآن، ولا تنسى ان تضيفها الى قائمة أسئلتك له !!

* من المخجل ان تصعد إلى رئاسة الدولة (أو رئاسة المجلس العسكرى) محمولا على أرواح الشعب، ثم تسافر الى دولة خارجية لتتآمر معها على هذا الشعب الذى ثار على سابقك حتى خلعه من الحكم، ثم واصل الثورة والنضال ليخلع من خلفه، لتجلس أنت على الكرسى، فيتفاءل باقتراب تحقيق تطلعاته في حكم مدنى ديمقراطى يؤمن له الإستقرار والحرية والسلام والعدالة والتداول السلمى للسلطة، قبل أن تظهر على حقيقتك وتتمسك بالسلطة وتتآمر عليه مع الذين لا يريدون خيرا له ولا لك ..

* أُذكّرك إن كنت قد نسيت، إنك جلست على المنصب تحت ضغط الشعب، ولولاه لكنت الآن مجرد عسكرى مغمور لم يسمع بك احد، وربما لا يسمع بك احد حتى تتقاعد، فهل هذا هو ردك لجميله عليك، وهل هذه هى الثقة التى أولاها إليك عندما وعدته بنقل السلطة إليه فاعترف بك وشرع في التفاوض معك على الترتيبات .. مجرد ترتيبات لنقل السلطة .. ففوجئ بك شخصا آخرا تفوح منك رائحة الكيد والمكر والخيانة لآماله وتطلعاته، بل انك تدوس عامدا متعمدا على كرامته عندما تطأطى رأسك امام رصفائك وكأنهم أسيادك .. يا أخى تمسك بالسلطة كما تريد، وانقض عهدك وأخلف وعدك للشعب بنقل السلطة إليه .. وافعل ما بدا لك، ولكن لا تطعنه في كرامته، لا تقلل من قيمته ولا تهنه أمام الآخرين .. ربما لا تعلم أن 90 % من ثورة الشعب على المجرم المخلوع إحتقاره لهذا الشعب العظيم باحتقاره لنفسه امام قادة الشعوب الأخرى .. بلغة بسيطة جدا: (هل يرضيك أن يكون ابوك حقيرا فى نظر رصفائه وأصدقائه ؟) .. إنه أمر أهون منه الموت !!

* يسافر نائبك الى السعودية، وأول ما يفعله هو اهانة الشعب الذى ينتمى إليه وتجريح كرامته بتنازله عن السيادة السودانية لولى عهدها .. وتسافر أنت وترتكب نفس الفضيحة في مصر والامارات، ويا عالم ما هى المحطة القادمة .. قضيتنا معكم لم تعد قضية سلطة ومجلس سيادة، فأين السيادة حتى نتصارع عليها .. قضيتنا معكم قضية كرامة، لذلك انا مضرب، وسأظل مضربا حتى يتولى امرى من يحترمنى ويعيد لى ثقتى في نفسى، ويستعيد كرامتى الضائعة ويرفع رأسى بين الأمم .. هل فهمت لماذا أنا مضرب؟!
الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد