صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لم ينتهِ !!..

8

إليكم

الطاهر ساتي

لم ينتهِ !!..

:: ما لم يكن للبرلمان القادم دوراً في إلغاء وتعديل القوانين ذات الصلة بالحريات العامة وحرية الصحافة، فالناس والبلد على موعد مع حكومة إنقاذ أخرى طوال سنوات الفترة الانتقالية، أي على موعد مع البطش والحظر وغيره من موبقات النظام المخلوع.. وعلى سبيل المثال، بأمر النيابة، حظر مجلس الصحافة – في منتصف مايو الفائت – نشر أخبار القضايا الجنائية التي تباشرها نيابة مكافحة الفساد.. ثم بالأمس الأول، بأمر نيابة مكافحة المخدرات، حظر مجلس الصحافة النشر في قضية شحنة المخدرات (الشهيرة).
:: وهذا ما كان يحدث في عهد النظام المخلوع.. إذ كانت هناك مادة عند نيابة الصحافة – كما أقراص البندول – تُستخدم عند (اللزوم)، أي عندما تُصيب الصحف أجهزة الدولة بالصُداع، وبها يحظرون نشر القضايا التي يريدونها بأن تكون (مستورة).. لقد أخطأنا الظن، إذ كنا نظن بأن (زمن الغتغتة والدسيديس انتهى)، ولكن لم ينتهِ.. ولن ينتهي طوال سنوات الفترة الانتقالية ما لم يتم إلغاء وتعديل القوانين المقيدة للحريات، بما فيها حرية الصحافة.
:: والشاهد، هناك من يرى، وهم السواد الأعظم من أهل القانون، بأن حظر النشر الصحفي يجب أن يتم بواسطة سلطة قضائية، كما يحدث في معظم دول العالم الثالث والأخير، وليس بواسطة سلطة نيابية، أو كما ظل يحدث في دولتنا الطيب أهلها طوال عقود النظام المخلوع.. تأملوا، فإن طموحنا لم يرتقِ إلي حيث ما يحدث في دول العالمين الأول والثاني، بل غاية طموحنا كانت هي أن نفعل كما تفعل دول العالم الثالث والأخير.
:: قوانين تلك الدول تحظر النشر في مرحلة القضاء، أي بالأمر القضائي.. ولكن هنا يتم الحظر – بجرة قلم – في مرحلة التحري بأمر نيابي، وبلا تبرير مقنع.. فالتحري، بالفهم البسيط جدا، مرحلة إجرائية لجمع البينات والمعلومات من طرفي القضية مباشرة، فكيف يتأثر هذا الجمع – سلبا أو إيجابا – بما تنشره الصحف عن تلك القضية، علما أن المعلومات والبينات تجمع من طرفي القضية وليست من الصحف؟.. ثم النيابة هي التي تقرر تحويل القضية إلى المحكمة أو شطبها أو حفظها.
:: والنيابة لا تفعل ذلك إلا وفق ما لديها من بينات ومعلومات تحصلت عليها من طرفي القضية وشهودهما، فكيف يتأثر هذا القرار – تحويلا كان أو شطبا أو حفظا – بما تنشره الصحف، طالما أن الصحف ليست مصدراً معلوماتياً مؤثراً في القرار النيابي؟.. هذا السؤال وما سبق، هما مصدر الحيرة التي تؤرق عقل الصحافة وأهل القانون حين تصدر نيابة ما أمراً بحظر النشر في قضية ما بتبرير (حتى لا يؤثر في سير التحري).
:: وعليه، إن كان حظر النشر مطلوباً في مرحلة التقاضي فلا ضرر ولا ضرار، ومعمول به في معظم دول العالم.. طبعا مع اختلاف التقديرات، حيث لكل دولة سلطة قضائية تزن القضايا بميزانها، ثم تقرر أية قضية هي التي يجب حظرها ثم أية قضية هي التي يجب نشرها؟.. ولكن رغم اختلاف التقديرات القضائية، فالحديث ليس عن حق السلطات القضائية في (المنح والمنع)، ولكن عن حق السلطة النيابية في (المنح والمنع).

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد