صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ماذا يحدث داخل الكهرباء؟ ‏

13

على كُلٍّ

محمد عبد القادر

ماذا يحدث داخل الكهرباء؟


في قمة عنفوان الثورة وتصاعد الدعوة للاعتصامات والمظاهرات الليلية وبالتزامن مع بداية الامتحانات التجريبية في الخرطوم، كانت الهيئة القومية للكهرباء تقدم هدية )على طبق من ذهب( للاحتجاجات وتعلن عن إطفاء عام للشبكة.
كتبت يومها على حائطي في الفيس بوك أن )هيئة الكهرباء قدمت أكبر خدمة للاعتصامات والمظاهرات الليلية، كان ذلك قبل 18 يوماً بالتحديد، يومها اشتعلت المظاهرات في الأحياء وحملت الأسر أبناءها يستذكرون الدروس في السيارات، ذهب البعض إلى )المولات الكبيرة( بحثاً عن )بصيص نور( يمكن التلاميذ من المراجعة والاستعداد لامتحانات اليوم الأول، في ذلك اليوم اشتعلت الأحياء بهتاف )الثورة خيار الشعب(، وأضاءت الإطارات المشتعلة ظلام الخرطوم البهيم، ونجحت الكهرباء في تقديم خدمة كبيرة للاحتجاجات.
بالأمس تكرر ذات المشهد وأظلم السودان بشكل كامل للمرة الثامنة خلال 3 أعوام، الإحصائيات تقول إن هذا الأمر لم يحدث قبل ذلك إلا في العام 1980م في تطور مقلق يستدعي التعامل بجدية ومسؤولية تمنع تكرار حدوثه مستقبلاً.
ما يدعى )مركز التحكم( ولا أظنه )متحكماً(، ظل يكتفي بإخبارنا عن حدوث إطفاء كامل للشبكة ولا ينسى أن يطمئننا بأن المهندسين والفنيين بدأوا في إعادة تشغيل المحطات، وتغذية الشبكة التي يتوقع أن تستكمل دخول الخدمة تدريجياً.
يحدث هذا الخطأ للمرة الثامنة خلال 3 سنوات دون أن يفتح الله بصيرة الهيئة القومية للكهرباء لتفادي حدوث الإظلام الكامل بمتابعة المعلومة وفواتيرها الباهظة على الأسر والدولة.
لا يمكن أن تكتفي الهيئة بإعلان الأمر فقط ولا تحدثنا عن الأسباب والمعالجات الآنية والمستقبلية أو تتحوط لحدوث مثل هذا الخطأ مستقبلاً.
بالأمس حصل الإطفاء الكامل للمرة الثامنة خلال 3 أعوام، تلاميذ الأساس في النيل الأبيض يتأهبون اليوم لخوض امتحانات مرحلة الأساس، في الخرطوم وعدد من الولايات تستمر الامتحانات التجريبية، أسبوعان فقط تفصلنا عن الشهادة السودانية، الشارع محتقن، الاحتجاجات تبحث عن وقود ستجده في الكهرباء خلال المرحلة المقبلة، أخطر ما في الأمر أن هذه القطوعات تحدث ونحن مازلنا في )عز الشتاء( لتنبئنا كيف سيكون حالنا مع )الصيف( المقبل.
الإطفاء الكامل بات )قصة بايخة( تستدعي التعامل معها بجدية أكبر من الذي نراه الآن، لا أعتقد أن الهيئة القومية للكهرباء تعوزها الدربة أو التأهيل أو الكفاءات التي توقف مثل هذه الأخطاء الكبيرة والقاتلة.
مبلغ علمي أن التجهيزات الفنية الخاصة بإدخال كهرباء الربط الإثيوبي لم تنجز على النحو الذي ينهي قصة خروج الشبكة التي أخشى أن نعلن ذات مرة أنها خرجت ولن تعد أبداً.
بالأمس خرج سد مروي وهو يشكل 60 % من الشبكة القومية، وتبعته الكهرباء الإثيوبية التي يتراوح إسهامها ما بين 17 إلى 35 % ليحدث الإظلام التام.
أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، مفادها ماذا يحدث داخل الهيئة القومية للكهرباء، وكيف تحدث مثل هذه الأخطاء دون أن يكون لها حول ولا قوة في تفادي تكرارها مستقبلاً، ولماذا لا تستصحب الهيئة حساسية )الظرف الموضوعي( للأسر و)السياسي( للدولة في تعاملها مع توفير الإمداد، بصراحة الأمر يحتاج إلى مراجعات كبيرة تنهي مثل هذه الأخطاء الكارثية.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد