صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

مجلس السيادة وسنة أولى سياسة !

7

زفرات حري

الطيب مصطفى

مجلس السيادة وسنة أولى سياسة !

> نحمد الله تعالى أن أعضاء مجلس السيادة، أعادوا فارهات (الإنفنتي)، لكن ما أحزنني أنهم لم يرجعوها إلا بعد أن انهالت عليهم الأسافير والصحافة بالنقد والتقريع الذي اتخذ أشكالاً وألواناً شتى، من بينها أن مصابي السيول والفيضانات في الجيلي وود رملي وولاية النيل الأبيض وحجر العسل وغيرها، هم الأولى بذلك الصرف البذخي.
> أغرب مافي الأمر، أن يتقلب مجلس السيادة المكون من (11) عضواً في ذلك النعيم، بالرغم من أن دور المجلس، حسب الوثيقة الدستورية ، لا يعدو أن يكون تشريفياً بالنظر الى أن السلطة التنفيذية يتولاها مجلس الوزراء، باعتبار أن الدولة تحتكم الى نظام برلماني يعهد بالعمل التنفيذي الى مجلس الوزراء. وكان من الممكن أن يقوم بمهمة مجلس السيادة شخص واحد، بدلاً عن البطالة المقنعة التي تزحم القصر الجمهوري بهذا العدد الكبير، سيما وأن دور مجلس السيادة بكل أعضائه أقل من ذلك الذي يضطلع به رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي والذي يباشر العمل التنفيذي من خلال ترؤسه لمجلس الوزراء.
> الغريب في الأمر، أن رئيس الوزراء السابق معتز موسى، كان قد اتخذ قراراً بأن يقوم جميع الوزراء بإرجاع عربات الدفع الرباعي (اللاندكروزر) المخصصة لهم في إطار حزمة من الإجراءات التقشفية شملت السفر وغيره.
> ثم قام رئيس البرلمان بروف إبراهيم أحمد عمر بدعوة قيادة المجلس المكونة من رؤساء اللجان، لاجتماع استثنائي استصدر من خلاله قراراً بأن تسافر جميع قيادات المجلس بمن فيهم رئيس البرلمان ونوابه ورؤساء اللجان ونوابهم بالدرجة السياحية وطبق الرجل الزاهد ذلك القرار على نفسه وعلى جميع دستوريي البرلمان.
> كان ذلك القرار قد اتخذ بين يدي أحد اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي (IpU) في جنيف فسافر البروف بالدرجة السياحية وظل ذلك دأبه الى أن حل المجلس بسقوط النظام السابق، وكان الفرق بين التذكرتين السياحية والأولى الى جنيف والعودة حوالي(70) الف جنيه!
> لذلك دهشت أنه في حين كان النظام السابق قد شرع في إجراءات تقشفية صارمة وتبارت الولايات في اتخاذ تدابير صارمة في ذلك الاتجاه، أذكر منها ولاية نهر النيل بقيادة واليها حاتم الوسيلة، يقوم مجلس السيادة الذي يفترض أنه يعبر عن روح الثورة الغاضبة والناقمة على ممارسات النظام السابق، بتخصيص ما تراجعت عنه تلك الحكومة ولا أرى مبرراً لمنح عضو مجلس السيادة مخصصات أكثر مما يمنح للوزير، سيما وأن أعباء ومهام الأخير، أكبر بكثير من أعباء عضو مجلس السيادة.
> لذلك فإن على مجلس السيادة ودكتور حمدوك أن يروا الشعب من أنفسهم خيراً، ويقدموا المثال والقدوة في تحديد المخصصات بما فيها السكن وعدد العربات ونوعيتها، وفي الأسفار وغير ذلك.
> أذكر أن بعض رؤساء لجان البرلمان خلال جلسة مناقشة خفض نفقات السفر، اعترضوا على أن يسافر رئيس البرلمان بالدرجة السياحية، وقالوا إن ذلك يقدح ويقلل من هيبة الدولة وممثلها السيادي، سيما وأنه سيستقبل من قبل نظرائه الذين لا ينبغي أن يستقبلوه أمام مدرج الدرجة السياحية. ولكن مناصري الاقتراح التقشفي قالوا إن ذلك السلوك يرفع من مقام الرجل ويزيد من احترامه لدى مستقبليه.
> أرجو أن يطلع دكتور حمدوك على قائمة الإجراءات التقشفية التي قدمها معتز موسى وأراد تطبيقها لولا أنه غادر موقعه قبل ذلك، وفي ظني أن أكبر بنود الصرف، تتمثل في الأسفار التي يمكن للسفراء أن يمثلوا فيها الدولة، وكذلك العلاج في الداخل والخارج بدون حدود قصوى.
> مما لفت نظري في سلوك بعض أعضاء مجلس السيادة، تصريحات بعضهم، فقد دهشت أن ينصب ود الفكي نفسه ناطقاً باسم المجلس بدون تفويض، ويخوض في ما لا يعنيه ناسياً أن الشأن التنفيذي لا يعنيه او غيره. وليت مجلس السيادة يحدد ناطقاً رسمياً على غرار ما فعل المجلس العسكري. كذلك لم يعجبني أن يتصرف بعض أعضاء المجلس كناشطين سياسيين يتحدثون في الندوات العامة ويخوضون في الصراع السياسي بالرغم من أنهم أصبحوا ممثلين لكل الشعب بمختلف مكوناته واتجاهاته الفكرية والسياسية.
> أقدر أن عدداً من أولئك الأعضاء، لا يزالون في سنة أولى سياسة، ويحتاجون الى حصص يتلقون فيها بعض الدروس في القانون والاقتصاد، وكيفية وضع الخطط والموازنات العامة، وغير ذلك من مطلوبات الموقع الجديد، فذلك مما يضبط سلوكهم وتصرفاتهم ويجنبهم الكثير من الحرج.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد