صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

محلك سر..

14

 

حديث المدينة

عثمان ميرغني

محلك سر..

بعد خمسة أيام فقط من سقوط النظام البائد وانتصار الثورة كتبت في “حديث المدينة” وتحت عنوان (الوضع حرج.. جدا) ما يلي :-
((واليوم، الاثنين، يبلغ عمر الثورة خمسة أيام.. مرت ولا يزال شبابنا الواعي يلتحف الأرض ويتدثر بالسماء حول القيادة العامة لجيشنا السوداني الأصيل.. ويسألني الشباب بلهفة – كلما زرتهم في أرض الاعتصام – وأعينهم تحتشد بالعشم في حصد ثمرة الدموع والدماء.. ( أين وصلنا؟ هل نحن في الطريق الصحيح؟ هل انتصرنا؟) وأجيبهم في كثير من الأحيان بمرافعات طويلة يصبرون على سماعها بمنتهى التحضر.
يا شبابنا.. قدمتم العرق والدموع والدماء لخمسة أشهر انتهت بأروع معركة أمام جحافل الليل التي تمتطي الرعب.. وحان قطاف ثمرة هذا النضال.. لكني بكل أسف لا أتحسس (ريح يوسف، لو لا أن تفندون)..
قبل أن يبدأ الحراك الجماهيري في 19 ديسمبر 2018 تحدثت كثيرا مع رموز المعارضة أن يكونوا مستعدين لـ(اليوم التالي)بكل التفاصيل.. اليوم الذي تشرق شمسه بعد رحيل النظام.
وخلال فترة اعتقالي الأخيرة تحدثت كثيرا مع كافة أقطاب المعارضة وكررت وتمنيت أن يحسنوا الاستعداد لـ(اليوم التالي).. ولتأكيد المعنى، قلت لهم يجب أن يكون (البيان رقم واحد) الذي يُعلن في كافة وسائل الاعلام مباشرة بعد النصر جاهزا واضح القسمات ومعه معالم (برنامج) الدولة القادمة..
بكل أسف فشلت في اقناعهم..
الآن؛ وقد سقط البشير ونظامه فقد طارت السكرة وجاءت الفكرة.. الهتافات تصنع ثورة لكن البرامج هي التي تصنع الدولة.. الحناجر في المدرجات تهب الحماس لكن أقدام الهدافين هي التي تهز الشباك وتحرز الأهداف.. واليوم حان للبرامج أن تظهر وللأهداف أن تحرز.
بعد جولة في دهاليز الأحزاب والساسة و المجلس العسكري.. لا يبدو الأفق مريحا.. مثل قول الشاعر ايليا أبو ماضي:
(التي كانت سمائي في الهوى.. صارَتْ لنفسي في الغرام ِجــهنّما..)
ليس هناك برنامج واضح متفق عليه بين كل أطياف المعارضة.. وحتى لا استبق الاحداث، وربما لإعطاء فرصة للأطراف لاستقامة رؤاها وخططها، فدعونا ننتظر يوما آخر.. لتكتمل عدة الأيام ستة.. عسى ولعل تنفرج أسارير الشباب الذين ينتظرون على أحر من الجمر سماع ما يطمئنهم أن مطالبهم تتحقق وهي تُرى تتحقق.. وليس مجرد وعود مطلية بماء الذهب..
في تقديري؛ يجب أن يكون الصوت موحدا من أجل الحصول على السلطة كاملة.. غير منقوصة.. سلطة مدنية يحرسها الجيش وبقية القوات النظامية..
وبعدها يصبح كل ما يريده الشعب في متناول السلطة التي في يده..)) انتهى!!
تصوروا!!
كان هذا بعد خمسة أيام فقط من انتصار الثورة .. تصوروا!!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد