صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

منطقة كولومبيا وفيديو (الحصانة المطلقة)!!..

10

القراية ام دق

محمد عبد الماجد

منطقة كولومبيا وفيديو (الحصانة المطلقة)!!..

(1)
يبدو واضحاً أن بند (الحصانة) القانونية لأعضاء المجلس السيادي وضع خصيصاً في وثيقة الاعلان الدستوري من اجل عرقلة التفاوض او تأجيله ، او استعمال البند لاهداف اخرى موازية في الوثيقة لصالح المجلس العسكري.
يجب أن نعلم أن حذف البند من الوثيقة او تقييد الحصانة لكي لا تكون مطلقة لا يعتبر تنازلاً من المجلس العسكري حتى يكافأ اعضاء المجلس العسكري بعد ذلك وهم في مجلس السيادة.
نقر أن موضوع (الحصانة) هذا شغل الناس في الايام الماضية ، وسرق الانظار وصرفها عن امور اخرى… فما يجري تحت الجسر اخطر من الذي يحدث فوقه.
لن نقول إن بند الحصانة القانونية الذي سرب للناس عن قصد المستفيد منه المجلس العسكري فقط، ولكن نقول إن (الطرف الثالث) اكثر استفادة من هذا البند حتى من اعضاء المجلس السيادي بعد ذلك.
المهم أن الشارع قبل قوى اعلان الحرية والتغيير انتبه للامر وتعامل معه بحزم وينتظر ان يكون نتاج ذلك (انفراجة) عند توقيع وثيقة الاعلان الدستوري.
كذلك هناك (عراك قانوني) ، أو دعنا نقول (تنافس حميد) افرزته (الحصانة القانونية) .. كان يحتاج له الطرفان المتفاوضان لمعرفة مدى احتمال عضويتهم لسير المفاوضات ،ولبعضهم البعض ولادارة الحوار بحنكة وحكمة.. وما هي مقدراتهم القانونية وخبراتهم لحكم البلاد في المرحلة المقبلة.
كان يمكن ان ينسف بند (الحصانة) المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى اعلان الحرية والتغيير ، ولكن تجاوز الامر يعنى ان (المناعة) عند الطرفين جيدة ، فقد يحدث لاحقاً مثل هذا (الاشتباك) وهما في السلطة.. إن لم تكن (المناعة) قوية يمكن ان تنهار الحكومة كلها إن مرت المفاوضات دون تلك الاختبارات والصعاب التي تعرضت لها فقوتها.
(2)
من ثم لنا أن نسأل كيف لاعضاء المجلس العسكري ان يفكروا في تلك (الحصانة) بهذا الشكل المطلق؟ ، وكيف لهم ان يطرحوها للناس وإن كان من باب التسريب و الاختبار؟.
لقد قدمت ثورة ديسمبر المجيدة مئات الشهداء … حصدهم رصاص النظام وهم في غمرة حماسهم الوطني والثوري ، يتدفقون على الشوارع بدون حماية او جدار يعصمهم ليواجهوا الرصاص بصدر مفتوح ، واجساد منهكة وضعيفة، أبعد كل هذا الموت لشباب في مقتبل العمر يمثلون كل طموحات وامال اهاليهم ، ألّا يجد اعضاء المجلس العسكري وهم في هذا العمر حرجاً من حصانة (مطلقة) ، تعفيهم من الحساب والعقاب والسؤال إن تجاوزوا القانون وهم وسط قواتهم وبين جيوش امنهم ، يعزلهم عن رجل الشارع الف حاجز وحاجز.
الحصانة الحقيقية في العدل .. والاستقرار والحرية والسلام.
لماذا تفجرت الثورة ؟… إن كان قادة البلاد والذين سوف يحكمون السودان بفضل هذه الثورة تحميهم حصانة (مطلقة).
ألم ينظروا للشهيد احمد الخير كيف مات في زنزانة تحت التعذيب بعد ان غابت عن الزنزانة مبادئ القانون وروح العدالة وانعدم فيها الحد الادنى من الانسانية.
ألم تشاهدوا والد الشهيد عبدالرحمن الصادق سمل وهو يحكي عن ابنه الشهيد بكل الوجع والحزن ، وهو مع هذا لا تغيب فرحته بابنه الشهيد وهو وسط كل هذه الاوجاع لأنه يقدمه للوطن.
لقد خرج الشهيد محجوب التاج محجوب صباحاً ينشد (الدراسة) وعاد في المساء (جثة) – اهله كانوا محرومين حتى من تشييعه من منزله.
أبعد هذا تبحثون عن (حصانة) وانتم في بروجكم المشيدة.
انظروا للشهيد (الطفل) محمد عيسى دودو .. مات فداء (المتاريس).. دفع حياته وهو يحرس (حجارة).
توقفوا عند الشهيد عبدالسلام كشة .. مات مرة .. ومتنا الف مرة من بعده.
اشهدوا للشهيد محمد هاشم مطر – انه جاء من اقصى الشمال، ليهتف مع الشعب (سلمية ..سلمية ..ضد الحرامية) ومات غدراً في صبيحة اخر يوم في رمضان وهو معتصم من اجل الوطن.

كيف لنا ان نقدم للوطن كل اولئك الشهداء – ثم تسألون انتم بعد ذلك عن حصانة (مطلقة) وانتم في بلاط السلطة وفي نعيم رفلها العظيم.
أما رأيتم الطريقة غير القانونية التي فض بها الاعتصام .. والمجزرة التي ارتكبت؟.
اننا لم نكن نطلب اكثر من (القانون) ..فكيف تطلبون الحصانة منه؟!!.
(3)
المرحلة القادمة تحتاج لمن يقدم نفسه بدون ثمن – لمن لا يتأخر عن نداء الاصلاح والعمل والسلام… وليس لمن يبخل على الوطن بان يكون تحت القانون.
المرحلة القادمة هي للشفافية والحوار والحرية… للقانون … لا كبير فيها على الوطن… ولا حسيب على القانون.
كيف سوف ندخل لتلك المرحلة؟ … ونحن نحمل كل تلك الاحلام – ونحن ندفع كل تلك الاثمان – وانتم تريدون ان تحتموا بالحصانة (المطلقة).
ما جدوى الثورة .. وما هو معناها؟.
الاستثناء في القانون … هو بداية الطريق في الفساد.
لقد كان تبريركم لمجزرة 29 رمضان واقتحام منطقة (كولومبيا) ، بعض التجاوزات القانونية (البسيطة) في المنطقة والتي راح بسببها اكثر من 100 شهيد من الابرياء .. لماذا تطبقون القانون في منطقة كولومبيا على الضعفاء والعزل وتمنعوه على اصحاب (السيادة) والسلطة والجاه والقصور.
لقد غاب القانون في منطقة كولومبيا في شارع النيل فحدثت كل تلك التجاوزات – والقانون الذي نقصد غيابه هنا .. هو القانون الذي غاب عند التنفيذ والإجراء وإخلاء المنطقة ، وليس فقط في بعض الممارسات التي كانت تحدث في المنطقة كما تقولون.
حدث ذلك في السفح ، فكيف ان غاب القانون في اعلى قمة الهرم؟.
المصطفى عليه الصلاة والسلام كان يمشي بين الناس في الاسواق ، يأكل اكلهم ويمضي بينهم راجلاً.
كان عليه افضل الصلوات يقول: ( إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ).
فعن أية (حصانة) تتحدثون؟.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد