صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

نسياً منسيا

22

العصب السابع
شمائل النور
نسياً منسيا

‏‏‏‏
بثت “بي بي سي” تقريراً مصوراً حول مرور عام على خروج تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من عاصمة خلافته، الرقة السورية، بعد عام لا تزال المدينة مدمرة تماماً والبنايات مهدمة، الشوارع مغطاة بمخلفات المعارك والاغتيالات لا تزال في المدينة.
الصور أظهرت قبحاً لافتاً قضى على تاريخ المدينة الضارب في القدم، حلت الوحشة محل الحضارة والآثار. الرقة التي فتحتها الجيوش العربية الإسلامية عام 639 ميلادية وصارت لاحقاً مركزاً مهماً الآن هي لا شيء، أرض جدباء ووجوه بائسة.
ذات الأمر حدث في الموصل، عاصمة التنظيم الدموي في العراق العام قبل الماضي، أعلنت السلطات في العراق أنها استعادت نحو 483 قطعة أثرية كان تنظيم الدولة الإسلامية أعدّها للتهريب من العراق. تنظيم “داعش” استولى على أكثر من 1791 موقعاً آثارياً مهماً في محافظة الموصل.
وكذلك الرقة السورية لم يتبق من متاحف هذه المدينة العظيمة إلا جدرانها، جميع آثاراها نُهبت.
الصراع المسلح المتعدد الأوجه هناك، لم يكتفِ بالدماء التي غطت الأرض، هناك الحرب أشد كراهة، محت الهوية والتاريخ والحضارة تماماً في العراق وسوريا.
تعرض قبر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لتدمير شبه كامل جراء القتال قرب تكريت خلال معارك شديدة كانت شهدتها المنطقة، الذين لا يتوقفون من تدمير تاريخ العراق لم يكتفوا فقط بإزالة قبر صدام، رفعوا أعلام المليشيات الشيعية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية مكان قبر الراحل بجانب صور الجنرال الإيراني الشهير قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” لدوره الداعم في العمليات العسكرية العراقية ضد تنظيم الدولة في مشهد عبثي.
وقبل ذلك كانت آثار تاريخية عريقة في مدينة الموصل تعرضت لعمليات تجريف واسعة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، أزالتها تماماً من على الأرض وصورة واحدة لإحدى الآليات الثقيلة وهي تُزيل قطعة صغيرة من التاريخ كافية لأن تصوّر لك كيف يتم محو تاريخ وهوية أمة في أقل وقت.
في سوريا أزال تنظيم الدولة الإسلامية 5 مواقع أثرية عام 2015م من جملة 6 مواقع على قائمة اليونيسكو.
هذا الجانب من سنوات “داعش” يؤكد أن الحرب التي حملت شعارات متطرفة إسلامياً ليس هي الحقيقة كاملة، هناك عمل منظم ودقيق لمحو حضارة بأكملها ويجعلها نسياً منسيا، هي ليس فقط مجرد محاولة سيطرة جماعات تحمل آيديولوجيا شديدة التطرف، هذا الجانب من الحرب ربما يُفسر الأمر كله.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد