صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

هل أتاك حديث الشعب يا برهان؟

29

من الآخر

اسماء محمد جمعة

هل أتاك حديث الشعب يا برهان؟

مساء أول أمس خرج رئيس المجلس العسكري الانتقالي لأول مرة وخاطب حشدا في مدينة أم بدة، وتحدث حتى بحَّ صوته ليقنع مواطنيها ألا داعي لتلبية نداء الحرية والتغيير وقدم الكثير من الوعود المادية، ونسي أنهم لم يرفعوا الحداد بعدُ على أبنائهم الذين اغتيلوا أمام قيادة الجيش وأن موكب 30 يونيو من أجلهم. في صباح نفس اليوم كان نائب رئيس المجلس قد حشدت له جماهير أخرى في مايو وخطب فيها نفس الخطبة مع اختلاف الأداء، في نفس اليوم كان المجلس العسكري قد أبدى سوء النية ونشر بيانا يحمِّل فيه قوى الحرية والتغيير أي مشكلة تحدث أو روح تزهق في موكب 30 يونيو، ومع كل هذا نشر قوة عسكرية قوامها مئات الآليات الحربية المدججة وآلاف الجنود، قوة يمكنها تحرر بلد كاملة، كل هذا من أجل تخويف الجماهير حتى لا تخرج ولكنها خرجت وقالت كلمتها. كنت شاهدة على المواكب الهادرة في أم درمان والتي وصلت إلى شارع الأربعين، قادمة من الفتيحاب وأبو سعد والمهندسين وأخرى قدِمت من مدينة أم بدة بكميات كبيرة عبر شارع العرضة، كل هذه الجموع استقبلها شارع الأربعين المكان الذي وقع فيه كثير من شهداء الثورة. كل المواكب في مدينتي بحري والخرطوم كانت بنفس الزخم هي فعلا مليونية، وكل هؤلاء جاءوا فقط من خلال دعوة أطلقتها قوى الحرية والتغيير عبر ما تيسَّر من وسائل تواصل قطعها المجلس خوفا من الشعب الذي يلبي نداء الحرية بشغف، لم تقدَّم لهم الأموال ولم يتم ابتزازهم بالوظائف والخدمات والوعود الكاذبات، لم توفر لهم الحافلات والبصات التي تنقلهم إلى مكان مهيأ ومحروس، بل قطعوا المسافات الطويلة راجلين يدفعهم الوعي بالمرحلة ويعانقهم شوق الحياة، فالشاعر يقول من لم يعانقه شوق الحياة مات واندثر. ليست الخرطوم وحدها من خرجت مدن كثيرة أخرى فعلت الشيء نفسه بنفس الحماس منها بورتسودان والأبيِّض وعطبرة وكسلا وغيرها من المدن، حتى التي لم تخرج كانت قلوبها حاضرة مع المدن التي خرجت، المؤسف أن المجلس العسكري رغم أرتال الجنود والأسلحة والآليات ورغم وعده بحماية المواكب إلا أنه فشل وربما فعلها فقد وقع عدد من الشهداء والجرحي يزيدون الجماهير صبرا وثباتا، تقبل الله الشهداء وشفى الجرحى. أعتقد أنه ليس هناك من كلام يمكن أن يقال للمجلس العسكري بعد هذه المواكب غير لقد قضي الأمر الذي فيه تستفتون، أنه حديث الشعب حين يتوق إلى الحرية والعدالة والسلام والازدهار، إنه الشعب حين يعانقه شوق الحياة الكريمة ويكره القهر والإذلال فهل تسمعون؟. حين قررت أن أكتب عن الموضوع في عمود اليوم كنت أبحث عن عنوان مناسب له، فلم أجد افضل من هذا العنوان الذي كان يهتف به رجلٌ كَهْل بطريقة هسترية في شارع الأربعين “يا برهان هل أتاك حديث الشعب؟”وها أنا ذا أعيد السؤال هل أتاك حديث الشعب يا برهان أم ما زلت تكابر وتعتقد أن مجلسك سيجد التفويض من شعبٍ يهزه شوق الحرية والسلام والعدالة الحقيقية هزًّا. يجب أن يتفهم المجلس العسكري أن من يدفع الجماهير للخروج بهذه الطريقة ليس قوى الحرية والتغيير هذا الجسم السياسي الذي ينسِّق ويدعو للمواكب، بل هو الشوق إلى الحرية والتغير وهو الدافع الحقيقي الذي يجعل الشعوب تقاوم وتصبر وتتحمل وتدفع حتى تنتصر.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد