صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

هل نحن (عرضحالجية)؟..

21

حديث المدينة

عثمان ميرغني

هل نحن (عرضحالجية)؟..

الطرفة الشهيرة القديمة تقول إنّ رجلاً استعان بـ “عرضحالجي” ليكتب له مَظلمته ليقدِّمها إلى القاضي.. أملى المظلمة بالحيثيات المطلوبة، عندما قرأ “العرضحالجي” المظلمة أجهش الرجل بالبكاء وهو يُردِّد (والله ما كنت قايل نفسي مظلوم للدرجة دي..)..
هل ثمة وجه شبه بين “الصحفي” و”العرضحالجي”؟
في تقديري الإجابة نعم مُغلّظة.. يظل الصحفي مُجرّد “عرضحالجي” إن كانت مُهمّته محدودة بما يخطه يراعه وتنتهي المُهمّة مع النقطة في آخر سطر كتبه.
ما معنى أن يكتب صحفي فتنفطر له قلوب القُرّاء وتسيل المآقي وَيَنتهي العَزَاء بانتهاء مَرَاسِم الدفن.. دفن العَواطِف في مقبرة السكون المعطوب.
الصحفي الحقيقي هو من يُمدِّد السطور إلى خارج حُدُود الورق الجُغرافية.. أن تكون مُهمّته تجسيد دور السُّلطة الرابعة بالقدر ذاته الذي تتمدّد إليه السُّلطات الثلاث الأخرى.. فالشرطي لا تحده أسوار قسم الشرطة.. فهو شُرطيٌّ 24 ساعة في اليوم و7 أيّام في الأسبوع.. وكذلك القاضي.. والنائب البرلماني.. والتنفيذي.. لا يحمل الصحفي القلم وحده، بل قلبه ولسانه وفعله.. ليُمارس السُّلطة الرابعة في أيِّ مكانٍ وزمانٍ.
الآن بلدنا في أمسّ الحاجة لصحافةٍ مُمتدةٍ وصحفيين بلا حُدُودٍ.. صحافة في ساعة العسرة لا تكتفي باستدراج الدُّموع والعَواطف أو حتى البحث عن يَدٍ تُصَفِّق طرباً لكلماتٍ مكتوبةٍ.. بل صحافة لها ساقان ولسان وشفتان.. تهدي الناس والبلاد إلى طريق الرشاد.
في مثل هذه الظروف، يجب أن تتقدّم الصحافة والصحفيون بالحل، بدلاً من النحيب في محطة المُشكلة.. ليس مُجرّد حَلٍّ مكتوبٍ نظري تلقي به الأقلام بمُنتهى الإحساس بمبدأ (القُحة ولا صمة الخشم..)، بل حَل عملي في التماس للحكمة أنّى كَانَ مَصدرها.
هذه دعوةٌ لمُمارسة البحث عن الحُلُول.. إنباتها إنباتاً حتى تثمر لصالح الوطن وأهله.. حتى يَتّضح الحد الفاصل بين الصحفي الصحفي.. والصحفي (العرضحالجي)!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد